Articles

المطهر: حرمان من الله

هل للمنفي قدرة الغناء للوطن على الضّفاف الغريبة؟

 هل للمنفي قدرة الغناء للوطن على الضّفاف الغريبة؟ بعيدًا عن أرضه فهو يتذكّر ويندم ويتنهّد وينتحب وينتظر في الدّموع أمل العودة.

أمّا نحن فأرواح أخواتنا أسيرة العدالة الإلهيّة في المطهر بعيدًا عن الوطن الذي ينادونه بحبّهم. فهم على أطراف الأعماق اللّامتناهية، حيث كفّارتهم تقودهم إلى منفى الألم. يقفون ويندمون آلاف المرّات أكثر من أهل الأرض. هناك حيث هم في هيام الوطن السّماوي ينتحبون فقدانه. غير أنّ دموعهم تختلف عن دموعنا اختلاف السّماء عن الأرض واختلاف الزّمن عن الأبديّة. كالإنسان السّليم يملك غريزة الأكل عندما يجوع، فإذا امتنع عن الأكل يتعاظم جوعه باستمرار لأنّ غريزته لا تنقص.

لنفرض أنّ هناك خبزًا واحدًا في العالم قادر على إشباع جوع كلّ مخلوق. يبقى الإنسان في ألم لا يشفى منه وجوع يتزايد وهو يحاول الحصول عليه. ولنفرض أنّ مشاهدة هذا الخبز فقط كافية لإشباع جوعه، فإنّ غريزته ستدفعه إلى رغبة مشاهدته، ولكن عندما يتأكّد أنّه غير مسموح له أن يشاهده، عند ذلك فقط، سيشعر كأنّه في جهنّم. سيكون عند ذلك ملعونًا ومحرومًا من كلّ أمل في مشاهدة وجه الله، الخبز الحيّ، المخلّص الحقيقيّ.

أمّا الأنفس المطهريّة، فلها رجاء تأمّل الخبز الحيّ والارتواء منه. بيد أنّها تبقى تعاني الجوع والألم طويلًا فلا تشبع من الخبز الحيّ، يسوع المسيح، حبّنا وإلهنا المخلّص.

لنصلّ: أيّها الرّبّ الرّحوم، القدّوس والعادل، إقبل برحمتك حبّ هذه الأنفس المقدّسة. لا تتخلَّ عن رغبتهم الحارّة فيك ولا تنبذهم. إفتح، يا ربّ، قلبك القدّوس لهم واسمح لهم الغوص فيك. يا يسوع الحبيب أدعُ أبناءك وأخوتنا إلى السّعادة الأبديّة والنّور الذي لا ينطفئ ينيرهم! فليرقدوا بسلام!

من كتاب “شهر مع أصدقائنا الأنفس المطهريّة”

Show More

Related Articles

Back to top button